Published On 14/9/202514/9/2025
|آخر تحديث: 10:14 (توقيت مكة)آخر تحديث: 10:14 (توقيت مكة)
انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي
share2شارِكْ
أعلنت وكالة الفضاء والطيران الأميركية (ناسا) أن مركبة بيرسيفيرانس، التي تتجول الآن على سطح المريخ، كشفت عن أدلة جديدة ربما تغيّر الطريقة التي ننظر بها إلى ماضي المريخ.
فقد وجد الفريق العلمي أن "طرطوشيات طينية" في تشكيل "برايت أنجل" الجيولوجي، داخل فوهة جيزيرو على الكوكب الأحمر، تحتوي على كربون عضوي ومعادن مثل فوسفات الحديد وكبريتيدات الحديد، وهي إشارات قد تكون مرتبطة بعمليات كيميائية حيوية، حسب الدراسة التي نشرت في دورية "نيتشر" العلمية المرموقة.

فارق دقيق
هذه الطرطوشيات ليست مجرد صخور رسوبية عادية، بل طبقات دقيقة ترسبت في بيئة مائية منخفضة الحرارة، وهي بطبيعتها بيئة قادرة على حفظ المواد العضوية وحمايتها من التحلل السريع.
اقرأ أيضا
list of 2 items end of listالتحليل الذي أجرته بيرسيفيرانس أظهر أن الكربون العضوي لم يكن موجودا بشكل وحيد، بل كان يتفاعل مع المعادن عبر سلسلة من عمليات الأكسدة والاختزال، وفي كوكبنا، فإن مثل هذه التفاعلات في الصخور الطينية عادة ما تكون مرتبطة بميكروبات تستخدم المعادن كمصادر للطاقة.
النتائج لا تعني أن العلماء عثروا على حياة ماضية على المريخ، لكنهم أشاروا إلى أن ما رصدوه يمكن اعتباره مؤشّرات قوية على وجود حياة، لأن هذه التفاعلات الكيميائية التي نشاهدها يمكن أن تكون ناتجة عن عمليات غير حيوية بحتة، أو ربما كانت ذات صلة بوجود كائنات دقيقة قبل مليارات السنين.
الفارق بين الاحتمالين دقيق جدا، لكن وجود كربون عضوي مرتبط بمعادن مختزلة يظل مثيرا لانتباه العلماء، لأنه يعكس بيئة نشطة كيميائيا، مليئة بالطاقة والمكونات اللازمة لوجود حياة ميكروبية.

أدلة مساندة
هذه الاكتشافات جاءت بعد سلسلة من الأدلة المساندة. ففي وقت سابق، دمج العلماء بين بيانات المدار من أداة "كريزم" على المسبار "مارس ريكونيسانس أوربيتر" وتحليلات بيرسيفيرانس على السطح.
إعلان
هذه البيانات كشفت، بحسب دراسة نشرت مؤخرا في دورية "نيتشر"، عن أن جيزيرو ليست مجرد فوهة صخرية، بل بيئة جيولوجية متنوعة، تحتوي على صخور بازلتية غنية بالأوليفين والبيروكسين قرب موقع الهبوط، ورواسب دلتاوية في الغرب تحمل معادن طينية وكربونات، بالإضافة إلى فوسفات وكبريتيدات حديدية.
الأهم كان العثور على عُقد صغيرة من معادن مثل الفيفيانيت، بعضها ظهر متأكسدًا، مما يدل على أن البيئة مرت بدورات من التغير الكيميائي، من الاختزال إلى الأكسدة.
لكن اكتشاف الطرطوشيات الطينية وما تحويه من كربون عضوي يظل الأكثر ثقلا، فهو يشير إلى أن المريخ لم يكن يوما مجرد صحراء باردة، بل كان في ماضيه بيئة متغيرة، تشهد ماء جاريا ومعادن نشطة كيميائيا، وربما مواد عضوية في قلب هذه التفاعلات.
هذه العناصر مجتمعة -الماء، والكربون، والمعادن المختزلة- هي الأسس التي يبحث عنها العلماء عند التفكير في نشأة الحياة.
الخط الفاصل
والواقع أن الصورة الأوسع تضعنا أمام سؤال فلسفي وعلمي في آن: إذا كان المريخ قد امتلك هذه المكونات، فهل عبر الخط الفاصل بين الكيمياء البحتة والحياة الميكروبية؟
المقارنة مع الأرض المبكرة تعزز هذا التساؤل، فقبل نحو 4 مليارات عام، كانت الأرض أيضًا مليئة بالبحيرات الطينية والمعادن المتغيرة كيميائيًا، وهناك، في هذه البيئات بالذات، وجدت أقدم أشكال الحياة.
التشابه بين الطرطوشيات المريخية والرسوبيات الأرضية القديمة يدفع العلماء للتفكير في أن التاريخ ربما تكرر، ولو لفترة وجيزة، على الكوكب الأحمر.

مهمة مؤجلة
ومع أن الحسم لن يأتي إلا مع عودة العينات إلى الأرض ضمن برنامج "مارس سامبل ريترن"، فإن هذه الاكتشافات تكفي لتذكيرنا بأن المريخ ليس جثة جيولوجية صامتة، بل إنه سجل محفوظ لفصل مجهول من قصة الحياة في الكون.
حاليا، تجمع مركبة بيرسيفيرانس عينات صخرية وطينية في أنابيب محكمة، وتضعها في مخازن خاصة على السطح، ومن المفترض أن ترسل ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية مركبة هبوط جديدة تحمل روبوتا صغيرا ومركبة صاعدة، لجمع الأنابيب من مواقع التخزين.
بعد ذلك، ستضعها في حجرة الصعود، والتي ستطلق كبسولة العينات إلى مدار المريخ. هناك، ستلتقطها مركبة أوروبية، وتنقلها في رحلة عودة إلى الأرض.
لكن هذا البرنامج -للأسف- يعاني حاليا من تأخيرات طويلة، ويرى بعض الخبراء أن مهمة "مارس سامبل ريترن" ستنطلق في أي وقت بين 2031 و2040.
0 تعليق