الدكتور محمود المسلاوي للفجر: الأمن السيبراني قضية أمن قومي. - زاجل الإخباري

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

لم يعد العالم اليوم كما كان قبل عقد من الزمن؛ فالتكنولوجيا غيرت ملامح كل شيء، من الاقتصاد إلى التعليم، ومن الإدارة إلى الأمن القومي. 

ومع التحولات الرقمية الهائلة، برز مجال الأمن السيبراني باعتباره خط الدفاع الأول لحماية الدول، ليس فقط من القرصنة أو الجرائم الإلكترونية، بل من تهديدات تمس الاستقرار الوطني والتنمية المستدامة.
في مصر، تسير الجامعات بخطى متسارعة لمواكبة هذه التغيرات، وفي مقدمتها كلية الهندسة بجامعة حلوان، التي خطت خطوات رائدة عبر تنظيم فعاليات كبرى مثل هاكاثون جامعة حلوان للأمن السيبراني "Helwan Cyber Arena". هذا الحدث لا يُعد نشاطًا طلابيًا عابرًا، بل مبادرة وطنية تسعى لإعداد جيل من الشباب قادر على مواجهة تحديات المستقبل الرقمي.
وفي هذا الإطار، أجرى "الفجر" حوارًا خاصًا مع الدكتور محمود المسلاوي، عميد كلية الهندسة بجامعة حلوان والمشرف على كلية الهندسة بجامعة حلوان الأهلية، الذي كشف خلاله عن تفاصيل الفعالية، ورؤية الكلية في إعداد الطلاب وتأهيلهم، والبرامج الجديدة التي تم إطلاقها لتواكب احتياجات سوق العمل المحلي والعالمي.

 الحوار تطرق أيضًا إلى التحولات في وعي الطلاب وأولياء الأمور عند اختيار التخصصات الجامعية، والفرص المستقبلية الواعدة في مجال الأمن السيبراني.

 

في البداية.. نود أن نتعرف على حضرتك.


أهلا وسهلا بحضراتكم، أنا الدكتور محمود المسلاوي، عميد كلية الهندسة بجامعة حلوان، والمشرف أيضًا على كلية الهندسة بجامعة حلوان الأهلية.

 

دكتور محمود، حدثنا عن الفعالية التي تنظمونها اليوم.


اليوم نستضيف هاكاثون جامعة حلوان للأمن السيبراني، أو كما نطلق عليه "Helwan Cyber Arena". والحقيقة أننا لا نعتبره مجرد نشاط طلابي أو منافسة عابرة بين فرق طلابية، بل هو مبادرة وطنية كبرى في واحد من أهم المجالات على مستوى العالم وهو الأمن السيبراني.
هذا المجال أصبح الركيزة الأساسية للأمن القومي، ووسيلة ضرورية لتحقيق التنمية الشاملة في ظل الطفرة التكنولوجية التي يشهدها العالم: التحول الرقمي، الثورة الصناعية الرابعة، الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء. 

نحن أمام واقع جديد يفرض على الدولة أن تكون لديها بنية تحتية رقمية قوية ومحمية.

الكثيرون يسمعون عن الأمن السيبراني لكن لا يدركون معناه.. كيف تبسط لنا الفكرة؟


الأمن السيبراني ببساطة يعني حماية الأنظمة الرقمية والشبكات من أي هجمات أو اختراقات. نحن نتحدث عن بنية تحتية رقمية أصبحت تدير كل شيء تقريبًا: من المؤسسات الحكومية إلى البنوك، ومن المستشفيات إلى الجامعات، وحتى القطاعات الصناعية والعسكرية.
إذا لم يتم تأمين هذه البنية، يمكن أن يتعرض النظام للاختراق ويصاب بالشلل، كما نرى في بعض الدول التي تأثرت بهجمات سيبرانية أوقفت خدماتها الحيوية.
إذن، الأمن السيبراني هو الضمانة لعمل هذه الأنظمة بشكل آمن ومستقر، وهو ما يجعله قضية قومية بامتياز.

 

كيف يتم إعداد طلاب كلية الهندسة بجامعة حلوان في هذا المجال الحيوي؟


نحن في كلية الهندسة لدينا خمسة أقسام أساسية، منها قسم الاتصالات وقسم الحاسبات، وهما الأكثر ارتباطًا بالأمن السيبراني. الطالب منذ دخوله هذه البرامج يبدأ بتلقي مقررات تمنحه قاعدة معرفية واسعة في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. ومع التقدم في السنوات الدراسية، يدرس مقررات متخصصة تتعلق مباشرة بالأمن السيبراني.
لكن الأمر لا يتوقف على الجانب الأكاديمي فقط. نحن نوفر أنشطة عملية مثل الهاكاثون، حيث يلتقي الطلاب بالخبراء والمهندسين العاملين في الصناعة. هنا يرى الطالب بشكل عملي كيف يتم التعامل مع التحديات الحقيقية، ويتعرف على المهارات التي يتطلبها سوق العمل.

ما القيمة المضافة التي يقدمها الهاكاثون للطلاب؟


القيمة الحقيقية تكمن في الدمج بين العلم الأكاديمي والخبرة العملية. الطلاب لا يكتفون بالمنافسة فيما بينهم، بل يتفاعلون مع خبراء الأمن السيبراني من مؤسسات الدولة والشركات العالمية. وهذا ما نعتبره فرصة ذهبية لهم، لأنهم يتعرفون على آخر ما توصلت إليه التكنولوجيا في هذا المجال، ويتعلمون كيف يمكن توظيف مهاراتهم في مواقف عملية.

 

من هم الشركاء الذين يساهمون في إنجاح هذا الحدث؟


نحن نؤمن بضرورة التعاون بين الجامعة والدولة والصناعة. لهذا جاء الهاكاثون برعاية وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وبشراكة استراتيجية مع الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، والمركز الوطني لطوارئ الشبكات والحاسبات. إلى جانب ذلك، هناك شركات رائدة في الأمن السيبراني تشارك معنا عبر توفير خبراء وورش عمل وندوات على مدار ثلاثة أيام.
هذا التعاون يعكس رؤية واضحة: الجامعة لا تعمل بمعزل عن الدولة أو الصناعة، بل في تكامل معها لإعداد كوادر بشرية قادرة على خدمة الوطن.

هل هذه الشراكات تفتح آفاقًا للطلاب بعد التخرج؟


بالطبع. من بين أهداف الهاكاثون أن يكون منصة لاكتشاف المواهب. الشركات المشاركة تراقب أداء الطلاب وتتعرف على إمكانياتهم، وهو ما قد يفتح لهم فرصًا للتدريب والتوظيف. نحن نعتبر هذه الفعالية بمثابة جسر يربط بين الطالب وسوق العمل بشكل مباشر.

 

ما أبرز التوصيات التي خرجتم بها من هذا الحدث؟


أبرز توصية هي أن السوق المحلي والعالمي يعاني من نقص حاد في الكوادر المؤهلة بمجال الأمن السيبراني. هذا المجال يشهد طلبًا متزايدًا، وكلما توسع التحول الرقمي زاد الطلب أكثر. لذلك رسالتنا للشباب أن الأمن السيبراني ليس مجرد تخصص، بل مجال استراتيجي له مستقبل عظيم وفرص واسعة. من يمتلك الشغف يجب أن يبدأ الآن في رسم مساره والانخراط في هذا المجال.

ما نصيحتك لطلاب الثانوية العامة المقبلين على كلية الهندسة؟


أنصحهم أن يوازنوا بين أمرين: الشغف الشخصي واحتياجات سوق العمل. لا يكفي أن يختار الطالب تخصصًا يحبه فقط، بل يجب أن يسأل: ما هي فرص العمل المستقبلية؟ ما هي المهارات المطلوبة بعد أربع أو خمس سنوات عندما أتخرج؟ بهذه الطريقة يضمن أن يكون مؤهلًا لمجال يحتاجه المجتمع والاقتصاد.

 

حدثنا عن البرامج الدراسية الجديدة التي أطلقتها كلية الهندسة.


أطلقنا مؤخرًا لائحة جديدة بنظام الساعات المعتمدة، واعتمدت رسميًا منذ أيام قليلة. تحت هذه اللائحة تم استحداث عدة برامج، منها:

برنامج هندسة الميكاترونيات والروبوتات.

برنامج هندسة الحاسبات والأمن السيبراني.

تطوير برنامج الاتصالات والمعلومات ليصبح برنامج الاتصالات والحاسبات.

وفي جامعة حلوان الأهلية:

 برنامج هندسة الشبكات والأمن السيبراني.
هذه البرامج لم تأتِ من فراغ، بل بعد دراسة دقيقة لاحتياجات سوق العمل. فلسفتنا أن تكون مخرجات التعليم مرتبطة مباشرة بالوظائف التي يحتاجها المجتمع، سواء في مصر أو خارجها.


هل تغيرت ثقافة الطلاب عند اختيار تخصصاتهم الجامعية؟


نعم، هناك وعي جديد. الطالب وأسرته لم يعودوا يختارون الكلية لمجرد مكانتها الاجتماعية، بل يسألون: ماذا سأدرس؟ ما المهارات التي سأكتسبها؟ ما فرص العمل بعد التخرج؟ بل ويمتد التفكير إلى المستقبل: ماذا سيكون الوضع بعد خمس أو عشر سنوات؟
هذا تحول مهم جدًا في الثقافة التعليمية، وأنا أرى أنه دليل على نضج التفكير، وأهنئ الطلاب وأولياء الأمور على هذه النقلة النوعية.

 

الحوار مع الدكتور محمود المسلاوي كشف بوضوح عن أن كلية الهندسة بجامعة حلوان لا تقف عند حدود التعليم التقليدي، بل تسعى لأن تكون لاعبًا أساسيًا في معركة المستقبل الرقمي. الأمن السيبراني، كما أوضح، لم يعد مجرد تخصص أكاديمي، بل تحول إلى قضية أمن قومي، وركيزة للتنمية المستدامة في ظل الثورة الصناعية الرابعة.
من خلال فعاليات مثل هاكاثون جامعة حلوان للأمن السيبراني، نجحت الكلية في بناء منصة للتواصل بين الطلاب والخبراء، وبين الأكاديميا وسوق العمل. هذا التكامل يمنح الطلاب فرصًا غير مسبوقة للتأهيل والتوظيف، ويمثل نموذجًا يُحتذى به لبقية المؤسسات التعليمية.
كما أن البرامج الجديدة التي أطلقتها الكلية، سواء في هندسة الروبوتات أو الأمن السيبراني، تعكس فلسفة مستقبلية واضحة: التعليم الجامعي يجب أن يستشرف المستقبل ويواكب احتياجاته.
في النهاية، تظل رسالة الدكتور المسلاوي للشباب واضحة: امتلك الشغف، اسعَ وراء المعرفة، ولا تهمل احتياجات سوق العمل، لأن المستقبل لا ينتظر أحدًا، وإنما يصنعه أولئك الذين يجمعون بين الحلم والمهارة والقدرة على مواجهة التحديات.

0 تعليق