«العيوب المخفية» تستنزف جيوب مشتري السيارات المستعملة - زاجل الإخباري

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

اشتكى عدد من المستهلكين في دولة الإمارات من تعرّضهم لعمليات احتيال عند شراء سيارات مستعملة، تضمنت التلاعب بعدادات المسافة المقطوعة، وإخفاء تاريخ الحوادث، والتستر على أعطال ميكانيكية جسيمة، ما ألحق بهم خسائر مالية فادحة.
وأكد خبراء في القطاع وقانونيون ل«الخليج»، أن بعض المعارض تلجأ إلى حيل متقنة، مثل استخدام بعض أنواع الطلاء الذي لا يتم كشفه من خلال أجهزة الفحص، أو تنظيف أسفل المركبة لإخفاء تسرّبات الزيت، وسط غياب فحص فني محايد وعدم توثيق تفاصيل البيع بشكل قانوني. داعين إلى الاعتماد على مراكز فحص مستقلة، والتعامل فقط مع معارض بيع السيارات المرخصة، في وقت توفّر فيه الجهات الرسمية تقنيات رقمية متقدمة، لتوثيق تاريخ وسجلّات المركبات.

لفت فنيو فحص سيارات، إلى أن نحو 50% من زبائنهم وقعوا ضحية «العيوب المخفية»، التي تكون داخل المركبة بعد شرائها.
وقال قانونيون أن إخفاء العيوب في المركبة أو التلاعب بتقارير الفحص، تمثّل مخالفة صريحة لأحكام القانون.
ونصح الخبراء بإجراء فحص شامل لدى مراكز معتمدة، والتحقّق من الوثائق وتقارير سجل المركبة، وعدم دفع كامل المبلغ قبل الفحص.
وقدّرت دراسة حديثة لشركة «موردر» للأبحاث، وصول حجم سوق السيارات المستعملة في الإمارات إلى نحو 75.4 مليار درهم مع نهاية عام 2025، وسط توقعات ببلوغه 131 مليار درهم بحلول 2030، مدعوماً بنمو سنوي مركب يصل إلى 11.73%، ما يعكس حجم الإقبال على شراء هذه المركبات.

خسائر باهظة


قال مجد خلف، إنه اشترى سيارة مستعملة بمواصفات أمريكية من أحد المعارض، ليتبين لاحقاً أن العداد معدّل، وأن السيارة كانت قد تعرضت لحادث كبير أثّر في الشاصي، رغم تأكيد البائع له بأنها خالية من العيوب. لافتاً إلى أنه خسر أكثر من 8 آلاف درهم من ثمنها عند بيعها، وأنه لم يستطع استرجاع أمواله لأن العقد لم يذكر أي تفاصيل تحفظ حقه.
قالت هند، موظفة في دبي، أنها وقعت ضحية غش ميكانيكي بعد شرائها سيارة مستعملة، تبيّن لاحقاً أنها كانت تعاني التسريب في الجير لا يظهر إلا بعد فترة من الاستخدام. مشيرة إلى أنها اشترت السيارة بناءً على مظهرها الخارجي دون أن تفحصها في مركز مختصّ، وأنه بعد أقل من شهر بدأت الأعطال تظهر، وتكبّدت نحو 7 آلاف درهم ثمن الجير التالف، دون أي سند قانوني يتيح لها استرجاع أموالها.

أساليب خادعة


كشف أحمد أبو جبارة، مدير مركز «الفخامة» للفحص الفني، عن أبرز الحيل والأساليب التي تلجأ إليها بعض معارض السيارات المستعملة لخداع المشترين، وقال: «أكثر الأساليب شيوعاً، ما يعرف ب«العيوب المخفية» داخل المركبة، والتي تشمل التلاعب بعداد المسافة المقطوعة عبر تقليل الرقم. تعتمد بعض المعارض على ما يُعرف ب«صبغ الجهاز»، وهو أسلوب طلاء يُظهر السيارة وكأنها بحالة الوكالة عند فحصها عبر أجهزة الكشف الإلكتروني، ما يضلل المشتري. كما يتم غسل السيارة جيداً من الأسفل لإخفاء تسرب الزيوت من المحرك، ما يصعب اكتشاف المشكلة خلال الفحص السطحي. نحو 50% من زبائن المركز الذي اشتروا سيارات مستعملة وقعوا ضحية لمثل هذه العمليات».

عيوب داخلية


حول الحالات التي تصل إلى مركز الفحص، أوضح أبو جبارة أن معظمها يعود لسيارات واردة من الخارج. لافتاً إلى أنه تظهر عليها أضرار ظاهرية طفيفة في الواجهة، بينما تكون الضربات قد وصلت إلى هيكلها «الشاصي» دون إبلاغ البائع للمشتري. لافتاً إلى أنه في حال كانت السيارة مسجّلة داخل الدولة، فإن سجلاتها وتفاصيل الحوادث تظهر عبر منصات رسمية مثل بوابة الإمارات للسيارات، وتطبيق وزارة الداخلية، واستعلام مركبة هيئة الطرق والمواصلات، إضافة إلى منصات متخصصة في الفحص وتقديم التقارير، ما يوفر طبقة حماية إضافية للمستهلك.
وتابع: «الفحص الميكانيكي وحده لا يكفي في بعض الحالات، خاصة عندما تكون العيوب داخلية، مثل تلف ناقل الحركة (الجير)، حيث لا يظهر إلا بعد قيادة السيارة لمسافات طويلة».

حقوق المستهلك


أكد المحامي سعيد علي الطاهر، أن بعض المستهلكين في الإمارات قد يتعرضون لمحاولات احتيال عند شراء سيارات مستعملة، من خلال ممارسات غير قانونية يقوم بها بعض البائعين أو أصحاب المعارض، أبرزها إخفاء العيوب الجوهرية في المركبة، أو التلاعب بتقارير الفحص الفني. لافتاً إلى أن هذه التصرفات تمثّل مخالفة صريحة لأحكام القانون بشأن حماية المستهلك.
وتابع: «المشرّع الإماراتي منح المستهلكين حماية، تتيح لهم المطالبة بحقوقهم في حال اكتشاف أي خلل في المركبة لم يتم الإفصاح عنه وقت البيع، سواء كان ذلك من خلال استبدال السيارة، أو استرداد قيمتها، أو إصلاح العطل على نفقة البائع. كما يحق للمستهلك المطالبة بتعويض مادي عن أي ضرر تعرض له نتيجة شراء مركبة معيبة أو غير مطابقة للمواصفات، إضافة إلى إمكانية التقدّم بشكوى رسمية إلى وزارة الاقتصاد أو الدوائر الاقتصادية، لإلزام البائع بتحمل مسؤوليته».

نصائح قانونية


أوضح الطاهر أن الوقاية القانونية تبدأ من لحظة التفكير في الشراء، داعياً المستهلكين إلى توخي الحذر، والتحقّق من حالة المركبة عبر إجراء فحص فني مستقل في مركز معتمد وغير تابع للبائع أو المعرض. كما شدد على ضرورة توثيق عقد البيع خطّياً، والتأكد من احتوائه على جميع الضمانات والالتزامات المتعلقة بالمركبة، بما في ذلك الإفصاح الكامل عن حالتها الفنية وتاريخ استخدامها.

إبراهيم أبو ذكرى: اختلاف درجات الطلاء يكشف التلاعب


أكد إبراهيم أبو ذكرى، خبير السيارات، أن الممارسات الاحتيالية في بعض معارض بيع السيارات المستعملة تُضعف من ثقة المستهلكين بالسوق ككل، وتخلق حالة من الشك والتردّد لدى الزبائن عند التعامل مع هذه المعارض. لافتاً إلى أن هذه التصرفات تُلحق الضرر بالقطاع وتؤثر سلباً في سمعته، حتى لدى المعارض الملتزمة في تعاملها.
ونصح المشترين بضرورة إجراء فحص معتمد لدى الجهات الرسمية، للتأكّد من الحالة الفنية الحقيقية للمركبة، إلى جانب التحقق من المستندات الرسمية الخاصة بالسيارة.
وتابع: «معارض السيارات المحترفة يمكنها أن تميّز بين المركبات السليمة وتلك التي تم العبث بها أو إصلاحها بشكل غير مهني، من خلال طلب الفحص الفني الشامل».

0 تعليق