عاجل

الحيرة مع كثرة الاختيار! - زاجل الإخباري

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
يقول المثل الشعبي القديم: «إذا حبيت تحيّره.. خيّره». والمعنى المقصود هنا هو أن كثرة الاختيارات المبالغ فيها تسبّب الحيرة وتجعل القرار مسألة معقدة جداً. ولكن يبدو أن هذا من أساسيات الاقتصاد الجديد. تقديم كم مهول من الاختيارات في كل خدمة وكل سلعة. قديماً كان طلب شراء كوب من القهوة مسألة في غاية البساطة، فالاختيار كان واضحاً ومباشراً. قهوة سادة، أو يضاف لها سكر أو حليب، فقط لا غير. اليوم تؤكد سلسلة مقاهي إحدى الشركات العالمية أن لديها 86 ألف خيار من المشاريب المقدمة لديها. نعم الرقم المذكور صحيح. وهذه الخيارات تشمل النكهات والأحجام وأصناف المشاريب بين البارد منها والساخن.

ولكن هناك رأياً آخر مخالفاً تماماً، وهو الذي يقدّمه المؤلف الأمريكي آلان موراي في كتابه «كنوز من الاختيارات»، كيف يضع الاقتصاد الجديد الاختيار في يدك والمال في جيبك. يقدّم المؤلف وجهة نظر مهمة ولافتة يدافع فيها عن مبدأ الاختيار وحق المستهلك فيه وأن الاختيار كحق هو بوابة المنافسة المفتوحة التي توسع قاعدة الفرص وتخفض الأسعار لصالح العميل مما يكسر أي احتكار ممكن.

ويضيف موراي جملة قوية وهي أن اقتصاد اليوم هو غير اقتصاد الآباء والأجداد ولذلك لا تجب المقارنة بينهما.

وعلى الجانب الآخر المقابل لطرح موراي، هناك الكتاب الشهير «معضلة الاختيار» للكاتب الأمريكي الشهير باري شوارتز، والذي يقول فيه إن كثرة الاختيارات تؤدي إلى عدم القناعة والقلق والاضطراب والاكتئاب بدلاً من الحرية. ولا أملك هنا إلا أن أستذكر مقولة رائد صناعة السيارات في الولايات المتحدة الأمريكية الصناعي الشهير هنري فورد عندما بدأ في تصنيع سياراته الشهيرة النموذج تي بأعداد تجارية، وقال: أنا على استعداد أن أوفر لكم أي لون تطلبونه طالما كان أسود.

وطبعاً مع توفر وزيادة الاختيار كان من البديهي والمنطقي أن يحصل تغيير ويصبح الاقتصاد اقتصاد وفرة. وهو ما وضّحه بشكل رائع الكاتب الأمريكي ستيوارت تشايس في كتابه الذي يحمل العنوان ذاتي الشرح «اقتصاد الوفرة»، والذي يقول فيه باختصار وبشكل مباشر إن اقتصاد اليوم هو اقتصاد مبني على الوفرة والتي تولد الهدر، ولم يعد كما كان قديماً اقتصاد الندرة والمبني على توفير الحاجة بالقدر المطلوب.

وفي النهاية وبالرغم من الحفاوة والسعادة التي يستشعرها صاحب القرار في الاستهلاك إلا أن التكلفة النهائية المرتفعة ستكون فاتورة باهظة الثمن بشكل مباشر وغير مباشر.

أخبار ذات صلة

 

0 تعليق