كوت ديفوار.. هل تعيد الانتخابات إنتاج الصراع أم تفتح باب التسوية؟ - زاجل الإخباري

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

ما فتئت الحكومة الإيفوارية تطمئن الجميع بأن الانتخابات الرئاسية الوشيكة ستُجرى في ظروف سلمية، وتصر على أن أحدا لن يقصى منها، وفي المقابل، تُبدي المعارضة استياءها الشديد من استبعاد قادتها من هذا السباق الرئاسي، ومع اقتراب موعد هذه الانتخابات، ما جذور الأزمة وكيف تسير الأمور على أرض الواقع، وما آراء الأطراف المختلفة المعنية بهذه الاستحقاقات؟

بوانيي الحاضر الغائب

يرتبط اسم كوت ديفوار من الناحية السياسية باسم رئيسها الأول ومؤسسها هوفييت بوانيي "الحكيم" "الوالد"، كما يكنيه سكان هذه البلاد التي حكمها منفردا منذ استقلالها عن فرنسا عام 1960 إلى وفاته عام 1993.

Ivory-Coast President Felix Houphouet-Boigny during the awarding ceremony of the 1992 Felix Houphouet-Boigny peace Prize at Unesco Headquarters, May 18. Houphouet-Boigny died on December 7 1993
بوانيي ظل رئيسا أكثر من 3 عقود (رويترز)

وينص دستور كوت ديفوار لعام 1960 على أن النظام السياسي في البلد رئاسي يتولى فيه الرئيس زمام أمور البلد ويترأس الحكومة، وهو ما ظل بوانيي يمارسه في ظل حزب سياسي وحيد هو الحزب الديمقراطي الإيفواري (PDCI) وفي ظل دستور لا يجعل حدا لعدد المدد الرئاسية.

وقد شهد البلد خلال حكمه نموا اقتصاديا لافتا واستقرارا سياسيا لم تنغصه إلا بعض الاحتجاجات في بداية التسعينات، وهو ما دفع بوانيي إلى فتح الباب أمام التعددية السياسية عام 1990.

لكن بوانيي لم يكمل فترة حكمه السابعة، إذ غيبته الوفاة يوم 7 ديسمبر/ كانون الأول عام 1993، ليعلق على ذلك الصحفي الفرنسي فرانسوا سودان في تقرير له بمجلة جون أفريك عدد 16 إلى 22 من نفس الشهر ما يمكن تلخيصه، في ما يلي: "مهما يكن فإن الصورة التي سيحتفظ بها التاريخ عن حكم بوانيي، الطويل، والطويل للغاية، لن تكون صورة رجل طريح الفراش في ربع الساعة الأخير من حياته، متشبثا بالسلطة، بل صورة رئيس مزارع سكنت أفريقيا وجدانه (…) وهكذا تُقلب صفحة من تاريخ كوت ديفوار".

وكما قال سودان فإن صفحة بوانيي طويت باختفائه لكن غيوما من الشك بدأت تخيم على المشهد السياسي للبلد من تلك اللحظة ليشهد تطورات درامية كادت في بعض مراحلها أن تعصف بوحدته الترابية.

السكان والحوزة الترابية

ومن المهم هنا أن نوضح أن كوت ديفوار (نحو 32 مليون نسمة حاليا) هي عبارة عن فسيفساء عرقية تضم أكثر من 60 مجموعة هاجرت من الدول المجاورة على مر القرون.

إعلان

ولا تزال البلاد مقسمة تقريبًا إلى كتل إقليمية، حيث الباولي والأغني في الوسط والشرق أساسا ويتحدران في الأساس من غانا ويجمعهما مع إثنية آبرون الاسم "أكان" وهم أكبر مجموعة عرقية في البلد.

أما الشمال فأكبر مجموعتين فيه هما: المالينكي وهم مهاجرون من غينيا ومالي ويطلق عليهم "المنادي" الشماليين، وشعبي سينوفو ولوبي وأصلهما من بوركينا فاسو ومالي.

وتسكن غرب كوت ديفوار مجموعة ماندي الجنوبية التي تتشكل من ديولا ودان ويقوبا، وأخيرًا، يعتبر الجنوب الغربي موطنا لشعوب كرو، مثل بيتي وديدي وغيري.

_ساحة الجمهورية- أقدم ساحة في أبيدجان وأكثرها رمزية abidjan (الجزير نت)
ساحة الجمهورية أقدم ساحة في أبيدجان وأكثرها رمزية (الجزيرة)

وعلى الرغم من هذه الانقسامات العامة، فقد امتزجت هذه العرقيات بشكل كبير في المناطق الحضرية، مثل أبيدجان، وكذلكوفي مناطق زراعة الكاكاو في الغرب والجنوب الغربي.

ولكوت ديفوار-التي تقدر مساحتها بـ322 ألفا 462 كيلومترا- حدود مع 5 دول هي: غينيا وليبريا من الغرب ومالي وبوركينا فاسو من الشمال وغانا من الشرق بينما تقع جنوبا على المحيط الأطلسي.

ولفهم جذور ما يمر به كوت ديفوار حاليا، من المهم تسليط الضوء على ما شهده البلد منذ وفاة بوانيي، من قلاقل سياسية وأزمات اقتصادية، بل وحتى حرب أهلية وذلك حتى تسلم الرئيس الحالي الحسن واتارا الحكم في 2011 واستمراره فيه لثلاث فترات رئاسية متتالية يريد اليوم أن يتبعها بفترة رابعة.

تسلسل الأحداث حتى 2010

وإليكم تسلسلا زمنيا لأهم الأحداث التي شهدها هذا البلد منذ 1993 وما تمخض عنها.

– 1994 إلى 1999، خلال هذه الفترة التي أعقبت مباشرة وفاة بوانيي، تولى الرئاسة بعده رئيس الجمعية الوطنية هانري كونان بيدييى، الذي أجرى انتخابات رئاسية في أكتوبر/تشرين الأول عام 1995، قاطعتها الأحزاب المعارضة ليصبح بذلك أول رئيس منتخب لكوت ديفوار بعد بوانيي.

– 1999 نفذ الجنرال روبرت غاي انقلابا عسكريا على بيديي، مما اضطر هذا الأخير إلى أن يظل في المنفى في فرنسا حتى عام 2001.

– ما بين 2000 و2010 تولى الرئاسة لوران غباغبو بعد فوزه على روبرت غاي في انتخابات رئاسية تعددية، لكن سرعان ما دخل البلد في أزمة سياسية وعسكرية وصلت أوجها بسيطرة متمردين على شمال البلاد، بل إن عام 2002 شهد ما يمكن وصفه بالحرب الأهلية.

خريطة كوت ديفوار
خريطة كوت ديفوار (الجزيرة)

الانقسام

ففي 19 سبتمبر/أيلول 2002، هاجم متمردو الحركة الوطنية لكوت ديفوار (MPCI)، التي ينتمي معظم أعضائها إلى شمال البلاد ذي الأغلبية المسلمة، أبيدجان، العاصمة الفعلية لكوت ديفوار، إضافة إلى مدينتي بواكيه وكوروغو الشماليتين.

وكان الهدف المعلن للمتمردين هو "فرض إصلاحات سياسية تنهي الإقصاء السياسي والتمييز ضد سكان شمال كوت ديفوار، وإزاحة الرئيس غباغبو".

وعلى الرغم من فشلهم في الاستيلاء على أبيدجان، إلا أن المقاومة الضئيلة للغاية التي واجهوها شجعتهم على احتلال نصف البلاد، وسرعان ما انضم إليهم فصيلان متمردان آخران من الغرب، ليشكلوا تحالفًا سياسيًا عسكريًا سُمي "القوات الجديدة".

وفي 6 نوفمبر/تشرين الثاني من نفس السنة قتل 8 جنود فرنسيين ومدني أميركي واحد، وجُرح نحو 30 شخصًا في معسكر فرنسي في بواكيه، خلال غارة جوية شنتها قوات الحكومة الإيفوارية، وردًا على ذلك، دمّرت القوات الفرنسية معظم سلاح الجو الإيفواري.

Supporters of different opposition parties wave a flag from Ivory Coast as they carry banners during a march calling for an inclusive election in the neighborhood of Yopougon in Abidjan on August 9, 2025, ahead of the presidential election on October 25, 2025.
أنصار تيام يرفضون إقصاء مرشحهم من الانتخابات الرئاسية لعام 2025 (الفرنسية)

الائتلاف والانتخابات

وتوالت بعد ذلك الضغوط الأفريقية والدولية على الأطراف المتنازعة لحل الأزمة وتخلل ذلك بعض أعمال العنف والشد والجذب حتى مارس/آذار 2007 حيث قبل غباغبو بتعيين أحد زعماء المتردين وهو غيوم سورو رئيسا للوزراء واتفق الرجلان على إجراء انتخابات رئاسية لم يكتب لها أن تتم إلا في أواخر العام 2010.

إعلان

أجريت الجولة الأولى في 31 أكتوبر/تشرين الأول، وحصل الرئيس غباغبو على 38% من الأصوات، بينما حصل منافسه، الحسن واتارا، على 32% من الأصوات، وحصل كونان بيديي على 25% وتجاوزت نسبة المشاركة 83%.

وأجريت الجولة الثانية في 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2010 وشهدت منافسة بيسن لوران غباغبو والحسن واتارا، وفي 2 ديسمبر/كانون الأول 2010، أعلنت اللجنة الانتخابية المستقلة فوز الحسن واتارا بنسبة 54% من الأصوات مقابل 46% للوران غباغبو، وندد المراقبون الدوليون بمخالفات شهدتها بعض المناطق.

وفي 3 ديسمبر/كانون الأول، قرر المجلس الدستوري بطلان نتائج الانتخابات التمهيدية، وأعلن فوز لوران غباغبو بأغلبية ساحقة.

في 4 ديسمبر كانون الأول 2010 أدى المرشحان اليمين الدستورية، كلٌّ على حدة، رئيسًا لكوت ديفوار، فعيّن لوران غباغبو أكي نغبو رئيسًا للوزراء، بينما عيّن الحسن واتارا في هذا المنصب غيوم سورو.

رئيسان وحكومتان في أبيدجان

وفي 4 ديسمبر/كانون الأول أدى المرشحان اليمين الدستورية، كلٌّ على حدة، رئيسًا لكوت ديفوار، فعيّن لوران غباغبو أكي نغبو رئيسًا للوزراء، بينما عيّن الحسن وتارا في هذا المنصب غيوم سورو.

وفي 14 ديسمبر/كانون الأول دعا المقربون من وتارا أنصارهم للسيطرة على التلفزيون الحكومي ومقر الحكومة، وأسفرت الاشتباكات العنيفة بين الجانبين عن مقتل ما يقرب من 200 شخص، وفقًا لمفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان.

وفي 20 ديسمبر/كانون الأول 2010 اعتمد مجلس الأمن القرار رقم 1962 الذي يدعو إلى احترام نتائج الانتخابات مؤكدا فوز السيد واتارا فيها.

ومنذ ذلك الحين تكررت المناوشات العسكرية بين القوات الأممية التي نشرت عام 2004 لبسط السلام في ربوع البلاد وبين قوات تابعة لغباغبو كما تدخلت القوات الفرنسية إلى جانب القوات الأممية، ولم تتوقف تلك الهجمات إلا بعد أن أقدمت قوات إيفوارية على اعتقال غباغبو في 10 أبريل/نيسان 2011، ولم تجعل الأمم المتحدة حدا لمهمة قوتها إلا في عام 2017.

عهد وتارا

بعد اعتقال غباغبو بأسابيع قليلة، أدى وتارا يوم 21 مايو/أيار اليمين الدستورية رئيسا للبلاد بحضور عدد من زعماء العالم.

وقد تميزت فترته الأولى (2011-2015) بجهود مكثفة من أجل المصالحة الوطنية وإعادة بناء البلاد وقد نفذت حكومته مجموعة من الإجراءات استهدفت تأمين استقرار البلاد اقتصاديا ومؤسساتيا، فأجريت انتخابات برلمانية كما أشرفت الدولة على نزع سلاح المليشيات.

وفي فترتيه الرئاسيتين اللاحقتين يقول مناصرو وتارا إنه ركز على ما سماه: "العيش المشترك" والذي يشرحه وتارا على حسابه على أكس: "إن السلام والتماسك الاجتماعي والعيش معًا والتضامن أمور أساسية لتنفيذ سياسات اقتصادية واجتماعية قابلة للتطبيق وفعالة".

وما لا يختلف عليه الإيفواريون والمراقبون الأجانب، هو أن الفترات الرئاسية الماضية لوتارا شهدت نموا اقتصاديا كبيرا واستتبابا للأمن في كل ربوع كوت ديفوار.

An opposition supporter waves a flag from Ivory Coast during a march calling for an inclusive election in the neighborhood of Yopougon in Abidjan on August 9, 2025, ahead of the presidential election on October 25, 2025.
أحد معارضي وتارا يلوح بعلم بلاده خلال مسيرة للمعارضة تعبيرا عن رفضها ترشح وتارا لولاية رابعة (الفرنسية)

الولاية الرابعة

غير أن الازدهار الاقتصادي والاستقرار السياسي لا يعطيان وتارا، حسب المعارضة الإيفوارية، حق خرق الدستور والترشح لولاية رابعة بعد أن خرقه في 2020 وترشح لولاية ثالثة هي التي انتهت توا، وهو الذي وعد مرات عديدة بأنه سيترك السلطة وكان آخرها في مارس/آذار 2020 بقوله: "يتعين علينا أن نفسح المجال لجيل جديد".

لكن الوفاة المفاجئة لوريثه المُحتمل ورفيقه المُخلص ورئيس وزرائه آنذاك آمادو غون كوليبالي في أوائل يوليو/تموز 2020 غيّرت الوضع ودفعت وتارا للترشح لولاية ثالثة، بل ها هو اليوم يشفع ذلك بالترشح لولاية رابعة وعمره الآن 83 عاما، إذ من المقرر أن يودع ملفه للانتخابات الرئاسية المقررة في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2025، يوم الثلاثاء 26 أغسطس/آب 2025، بمقر اللجنة الانتخابية المستقلة، الساعة 11:30 صباحًا، وذلك كمرشح عن حزب "تجمع الهوفويتين للديمقراطية والسلام"، والذي يعكس اسمه مدى تشبث كثير من الطبقة السياسية بإرث رئيس البلاد الأول هوفوييت بوانيي، فما هي مواقف الطبقة السياسية الإيفوارية من هذا الترشح؟

إعلان

كان وتارا قد قطع، في 29 يوليو/تموز الماضي، الشك باليقين عندما جعل حدا لحالة الترقب التي سادت الأوساط السياسية الإيفوارية فأعلن عبر حساباته على الشبكات الاجتماعية، أنه قرر "الترشح في الانتخابات الرئاسية"، مبررا هذا القرار بضرورة الحفاظ على الاستقرار الوطني في مواجهة "تحديات أمنية واقتصادية ونقدية غير مسبوقة"، وقامت القناة التلفزيونية الوطنية أر.تي. إي RTI بإعادة بث هذا القرار ليتخذ بذلك صيغة رسمية.

_Gbagbo - غباغبو خلال مهرجان 16 أغسطس 2025 (الجزيرة)
غباغبو خلال مهرجان 16 أغسطس/آب 2025 أكد أنه سيتصدى بقوة لترشح وتارا لولاية رابعة (الجزيرة)

رفض وتشجيع

أجمع معارضو الرئيس على رفضهم ترشحه فترة رابعة، وتعمد حكومته إلى إقصاء بعض أهم وجوه المعارضة من الترشح.

وهكذا أكد الرئيس السابق لوران غباغبو في مهرجان نظمه يوم السبت الماضي أنه لن يقبل بترشح وتارا لمأمورية رابعة: "مأموريته الثالثة في 2020 كانت منافية للدستور، فكيف بمأمورية رابعة؟"، وأضاف "لن أقبل ذلك".

لكن أنصار وتارا لا يعتبرون هذه مأمورية رابعة وإنما مأمورية ثانية لأنها ثاني مأمورية للرئيس منذ أن صوت الإيفواريون على دستور جديد في 2016 يحدد المأموريات باثنتين في ظل ما سماه وتارا "الجمهورية الثانية".

وتعليقا على هذا القرار يرى الوزير المستشار للرئيس وتارا الدكتور عبد الله آلبير تواكيس مابري في تصريح للجزيرة نت، أن الدافع الحقيقي وراء إعلان وتارا ترشحه، هو حرصه على مصلحة الوطن إذ "حقق لكوت ديفوار خلال 15 عامًا التي حكمها حتى الآن كثيرا من الإنجازات، الاقتصادية والبنيوية ناهيك عن التماسك الاجتماعي".

Dr ABDALLAH ALBERT TOIKEUSSE MABRI الوزير المستشار للرئيس وتارا (الجزيرة) ساحل العاج
مابري ذكّر أن كوت ديفوار مرت خلال 2010 و2011 بفوضى (الجزيرة)

وذكّر مابري بالحالة التي كانت عليها كوت ديفوار في عامي 2010 و2011، حيث كانت الفوضى هي سيدة الموقف"، حسب قوله.

وأضاف: "لقد وضع وتارا تدابير سمحت لنا بإرساء السلام في ربوع بلدنا ولكن أيضًا على حدودنا"، مشيرا إلى ما تشهده بعض دول الجوار من نزاعات داخلية.

وأوضح مابري أن ما يعنيه وتارا بالتحديات الأمنية يخص دولا لها حدود مع كوت ديفوار وتعيش ظروفا استثنائية وقد نشأت بينها وبين هذا البلد في الأشهر والسنوات الأخيرة صعوبات، وخاصة منظمات التكامل الإقليمي.

وذكر أن مالي وبوركينا فاسو والنيجر تشهد يوميا هجمات دامية وهذه الدول لا تحافظ على علاقات جيدة مع كوت ديفوار، مما يجعل الوضع الحالي حساسا ويفرض على الرئيس أن يتخذ قرارات حاسمة مع هذه التحديات.

واستحضر مابري الهجوم الذي شن على باسام في 13 مارس/آذار 2016 قائلا: "كان الأول والأخير الذي تشنه الجماعات الجهادية على كوت ديفوار".

وشجع مابري ترشيح وتارا معتبرا أنه هو صمام أمان كوت ديفوار، مشيرا إلى أنه خصص موارد كبيرة لضمان أمن البلاد كما قدم للجيش وقوات الأمن ما يلزم لتوفير المعدات وتأمين التدريب اللازم.

وقال إن وتارا نجح، بذلك، في الحفاظ على السلام في ساحل العاج، وأمن الإيفواريين، وطمأنة المستثمرين الذين جعلهم يكتشفون، على مر السنين، أن ثمة آفاقا جديدة لضخ المزيد من الاستثمارات وأن التشريعات تشجع على الاستثمار، كما توفر الظروف الأمنية المواتية الجو المناسب لذلك.

صورة نائب رئيس الحزب الديمقراطي الإيفواري (يسار) مع موفد الجزيرة نت ساحل العاج
نائب رئيس الحزب الديمقراطي الإيفواري (يسار) مع موفد الجزيرة نت في ساحل العاج (الجزيرة)

لا للإقصاء

لكن نائب رئيس الحزب الديمقراطي الإيفواري نويل آكوسي بندجو ندد بترشح وتارا لمأمورية رابعة وذكر بمخالفة ذلك للدستور.

وعبر في تصريح للجزيرة نت، عن رفضه إقصاء تيجان تيام: "رئيس حزبنا أقصي دون حق وبشكل غير قانوني وسنكافح لوضع اسمه من جديد على اللائحة الانتخابية، إذ تتوفر فيه كل الشروط المطلوبة".

بندجو: رئيس حزبنا أقصي دون حق وبشكل غير قانوني وسنكافح لوضع اسمه من جديد على اللائحة الانتخابية، إذ تتوفر فيه كل الشروط المطلوبة

وأضاف بندجو أن الظروف، حتى الآن، ليست مناسبة لإجراء الانتخابات، موضحا أن أحزاب المعارضة طالبت بمراجعة القوائم الانتخابية وإعادة تشكيل اللجنة المستقلة للانتخابات ولم تحصل حتى الآن على شيء.

وطالب بالسماح لمن قدمتهم أحزابهم لخوض هذه الانتخابات، وخص بالذكر مرشحي حزب الشعوب الأفريقية لوران غباغبو والحزب الديمقراطي تيجان تيام.

وشدد على أن المعارضة ستظل تناضل من أجل خلق ظروف تجرى فيها انتخابات شفافة وسلمية وغير إقصائية.

ودعا بندجو الحكومة إلى قبول الجلوس إلى الطاولة والحوار مع المعارضة للتوصل إلى أرض مشتركة تضمن إجراء انتخابات نزيهة.

واتفقت المرشحة للرئاسة سيمون غباغبو، الزوجة السابقة للوران غباغبو مع بندجو، فدعت كذلك إلى حوار بين الحكومة والأحزاب السياسية والمجتمع المدني لضمان التوافق حول إجراء الانتخابات الرئاسية الحالية.

الخبير والمحلل اليسياسي الإيفواري جوفرو جوليان كوا cote d'ivoire (الجزيرة) ساحل العاج
كوالا يتوقع أن تكون أزمة حادة في ساحل العاج بسبب الانتخابات الحالية (الجزيرة)

توترات لا تصل إلى حد الأزمة

لكن، رغم التجاذب لا يتوقع المحلل السياسي المستقل والكاتب جوفروا جوليان كوا أن تكون هناك أزمة حادة وإن رشح ألا تخلو هذه الانتخابات من التوترات.

إعلان

وطالب كوا الجميع بالاعتدال والمرونة، قائلا إن على جبهة المعارضة أن تقترح خطة ب، وينبغي للجنة المستقلة للانتخابات والمجلس الدستوري أن يتقيدا بالحياد، كما أن على الحكومة أن تتوقف عن اعتقال المعارضين السياسيين.

وفي نفس السياق امتدح المحلل السياسي والنائب المقرب من الحكومة والمحامي بن ميتي، في حديث للجزيرة نت، "الرؤية الثاقبة لهذا الرجل العظيم"، في إشارة لوتارا، "التي يلاحظها كل مراقب منصف، فأداؤه الخارق يجعله الشخص الأفضل لقيادة كوت ديفوار من خلال أغلبية الإيفواريين الطامحين لرقي بلدهم في جو من الوحدة والسلام والتعاضد".

النائب بن ميتي abidjan cote d'ivoire - Ben Meite ساحل العاج
النائب بن ميتي: لا أحد يصلح لرئاسة كوت ديفوار حاليا غير وتارا (الجزيرة)

ولا يرى بن ميتي فرقا بين المناخ السياسي الإيفواري السائد حاليا ومناخ الانتخابات في جميع الدول خلال مثل هذه الفترات وخاصةً في انتخاب رئيس الجمهورية، "إنها فترةٌ يُفترض مبدئيًا أن تكون فترةً لمجابهة الحجج بالحجج وتقييمها وتعزيز مكانة من يُفترض أن يُمثلوها.

ولكن، للأسف -يضيف بن ميتي- وفي كثير من الأحيان في جميع الدول، تتحول الحملات الانتخابية إلى مسرحٍ للخطابات اللاذعة وغيرها من الانحرافات الديمقراطية غير المقبولة، إن كوت ديفوار، التي تتمتع، مع ذلك، بميزة مزدوجة، تاريخها السياسي ومتانة مؤسساتها الحالية، ستتمكن بالتأكيد من مواجهة هذا التحدي الديمقراطي الآخر بفضل الرؤية المُستنيرة لرئيسها الاستثنائي، فخامة الحسن وتارا"، على حد تعبيره.

0 تعليق