تحولت التربية الجنسية إلى محور نقاش ساخن بحلقة (2025/9/7) من برنامج “باب حوار”، إذ تقاطعت المواقف بين من يطالب بإدخالها إلى المدارس بوصفها ضرورة لحماية الأطفال ومن يرى مكانها الطبيعي داخل الأسرة فقط.
الصحفي المصري محمود الضبع أصرّ على أن التربية الجنسية مشروع خاطئ إذا نُقل إلى المدارس، محذرا من أنه يسلب الأطفال براءتهم ويفتح أعينهم على علاقات لا تناسب أعمارهم.
واعتبر أن غرس الأخلاق هو الأساس الذي يغني عن أي مناهج متخصصة، مؤكدا أن الأم والأب هما خط الدفاع الأول عن القيم.
اقرأ أيضا
list of 4 items end of listلكن الأكاديمي اللبناني والمستشار في التربية الأسرية سميح عز الدين شدد على أن التربية الجنسية حق للطفل وواجب على المجتمع، وإن كان يضع الأسرة في المرتبة الأولى.
وبرأيه فإن المدرسة لا تستطيع أن تعالج ما يتعلق بالحياء والسلوك الحساس، لأنه معرفة تُكتسب داخل البيت أكثر مما تُتعلَّم في الفصول.
في المقابل، تحدث الطبيب التونسي المتخصص في علاج الأمراض الجنسية أنس العويني عن التربية الجنسية بصفتها ضرورة وليست خيارا.
ورأى أن تجاهلها يفتح الباب أمام الشارع والمحتوى الرقمي ليقدما صورة مشوهة، بينما يمكن للمدرسة أن توفر برنامجا علميا مدروسا يزود الطفل بمعارف تراعي سنه وتساعده على حماية نفسه.
مسؤولية مشتركة
أما المدربة التربوية الأردنية عبير النابلسي فرفضت الفصل بين البيت والمدرسة، مؤكدة أن التربية الجنسية مسؤولية مشتركة مثلها مثل التربية الدينية والأخلاقية.
وقالت إن صمت الأهل يترك أبناءهم عُرضة للجهل والانحراف، وإن العيب الحقيقي هو أن يُستباح جسد الطفل لأن والديه خشيا الحديث معه.
ومن منظور آخر، استعاد رئيس المركز الثقافي الإسلامي في ألمانيا ميسر عبود المرجعية القرآنية، مشيرا إلى أن سورة "النور" وما تضمنته من قيم تضبط السلوك الإنساني تصلح لأن تكون أساسا لبناء منهج تربوي.
لكنه دعا في الوقت نفسه إلى اختيار مصطلحات تراعي الحياء وتُبقي النقاش مقبولا اجتماعيا، معتبرا أن المشكلة قد تكمن أحيانا في المصطلح أكثر من المضمون.
لا تنزع البراءة
المتخصصة المصرية في تنمية الذات والعلاقات الزوجية آمال عطية دعمت الفكرة بقوة، مؤكدة أن التربية الجنسية "لا تنتزع البراءة" بل تزرع التصالح بين الطفل وجسده وهويته.
إعلان
وحذرت من أن تجاهل الموضوع يترك الأطفال في مواجهة صور ومؤثرات خارجية تزيد من تشويه وعيهم، مشددة على ضرورة صياغة منهج يعكس القيم الإسلامية ويخاطب احتياجات كل مرحلة عمرية.
الجدل تطرق أيضا إلى مسألة ربط الجنس بالعيب والحرام، إذ اعتبر العويني أن هذا الربط يورث الأطفال عقدا نفسية قد تتحول إلى أمراض أو مشكلات زوجية في المستقبل.
ورأت آمال عطية أن المطلوب هو إدارة الاحتياجات لا إنكارها، واستعاد عبود النصوص الدينية ليقترح مصطلحات بديلة تخاطب الفطرة من دون أن تخدش الحياء.
الخطر الحقيقي
أما عبير النابلسي فذهبت إلى أن الخطر الحقيقي هو في الصمت، مستشهدة بحوادث تحرش كان يمكن تفاديها لو أُتيح للأطفال وعي مبكر.
وتوسعت الحلقة لتناقش مسألة الإنصاف بين الجنسين، وفي هذا السياق رأت النابلسي أن البنات غالبا ما يُحجب عنهن الوعي بدعوى الحياء، بينما يُترك للصبيان حرية أكبر، وهو ما يعرض الفتيات لمخاطر مضاعفة.
أما آمال عطية فأكدت أن هذا التمييز من صنع المجتمع لا الدين، في حين أشار عز الدين إلى أن الخطأ يكمن في النظرة الاجتماعية التي تسامح الذكور ولا تغفر للإناث، وكشف العويني عن أن هذه التفرقة تقف خلف أمراض جنسية ونفسية تصيب النساء العربيات بنسب مرتفعة.
ورغم التباين في آراء المشاركين بشأن عدد من المحاور، فإنهم اتفقوا على أمر أن التربية الجنسية قضية لا يمكن تجاهلها في زمن يطغى فيه الإعلام الرقمي وتتعاظم فيه المخاطر، وبدا الخلاف حول من تقع عليه المسؤولية أولا، الأسرة أم المدرسة؟
Published On 7/9/20257/9/2025
|آخر تحديث: 21:56 (توقيت مكة)آخر تحديث: 21:56 (توقيت مكة)
0 تعليق