في حوار خاص مع «الفجر».. الدكتورة نادية العارف تكشف رؤيتها لتطوير التعليم وإعداد الكوادر الشابة" - زاجل الإخباري

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في عالم يتغير بسرعة غير مسبوقة، أصبح التعليم العالي مسؤولية كبيرة لا تقتصر على نقل المعرفة الأكاديمية فحسب، بل تتعدى ذلك إلى إعداد أجيال قادرة على التفكير النقدي، وامتلاك المهارات اللازمة للتكيف مع بيئات العمل المتغيرة والمنافسة العالمية. فالعالم اليوم يشهد تحولات تكنولوجية واقتصادية واجتماعية تتطلب من الجامعات إعادة النظر في أدوارها ومناهجها، لتكون مؤسسات تواكب العصر وتجهز الطلاب لمستقبل متقلب ومتسارع التغير.

في مصر، ومع توجه الدولة نحو بناء مجتمع معرفي متطور، برزت بعض التجارب التعليمية المميزة، ومن بينها جامعة إسلسكا، التي استطاعت أن تضع بصمة واضحة على الساحة الأكاديمية من خلال تقديم برامج تعليمية متطورة ومبتكرة، تجمع بين النظرية والتطبيق، وتولي اهتمامًا بالمهارات المهنية والشخصية للطلاب.

ويقف وراء هذه التجربة اسم أكاديمي لامع، هو الدكتورة نادية العارف، أستاذ التسويق ورئيس جامعة إسلسكا، التي كرست خبرتها ومعرفتها الأكاديمية لتطوير رؤية واضحة للتعليم الحديث. ترى العارف أن التعليم الفعّال لا يُقاس بعدد الشهادات أو الخريجين، بل بمدى قدرة الطلاب على المنافسة في سوق عمل عالمي متغير، واستثمار المهارات التي اكتسبوها في مواجهة تحديات الحياة العملية.

تؤمن العارف بأن التعليم رسالة اجتماعية، ومسؤولية كل أكاديمي تجاه مجتمعه، وأن نجاح أي مؤسسة تعليمية يقاس بقدرة خريجيها على الابتكار، وحل المشكلات، والعمل ضمن فرق متعددة التخصصات. من خلال هذا الحوار الخاص مع «الفجر»، تكشف لنا الدكتورة نادية العارف فلسفتها التعليمية، استراتيجيتها في تطوير البرامج الأكاديمية، وكيفية إعداد جيل من الطلاب قادر على التكيف مع المستقبل بثقة وكفاءة.

 

 في البداية نود التعرف على حضرتك ورؤيتك للتعليم العالي.


 شكرًا لجريدة الفجر على إتاحة هذه الفرصة. أنا نادية العارف، أستاذ التسويق ورئيس جامعة إسلسكا. منذ بداية عملي الأكاديمي وضعت لنفسي هدفًا أساسيًا:

 أن يكون التعليم رسالة لبناء الإنسان، وليس مجرد وسيلة لنيل شهادة، أؤمن أن أي تجربة تعليمية يجب أن تمنح الطالب القدرة على التفكير النقدي، والمهارات العملية، والوعي الاجتماعي، إلى جانب المعرفة الأكاديمية.

 وما الهدف الذي انطلقتِ منه عند تأسيس الجامعة؟


 عند تأسيس الجامعة كان هدفنا واضحًا: سد الفجوة التعليمية في مصر وتقديم نموذج حديث يركز على جودة التعليم والارتباط المباشر بسوق العمل، لم نرغب في تقديم برامج تقليدية فقط، بل في خلق بيئة تعليمية متكاملة، تهتم بالجانب العلمي والشخصي للطالب معًا. 

بدأنا بالبرامج العليا في الإدارة، ثم توسعنا لاحقًا إلى برامج البكالوريوس، مع التركيز على المهارات المهنية والناعمة التي أصبحت ضرورية لسوق العمل.

 ما الذي يميز هذه البرامج عن غيرها؟


 الميزة الرئيسية هي أن البرامج مرتبطة مباشرة بالمتطلبات المعاصرة لسوق العمل. أضفنا تخصصات حديثة مثل إدارة الأعمال في عصر الذكاء الاصطناعي، إدارة السياحة والرياضة، إلى جانب مجالات أساسية كالتسويق والإدارة.

 هذه التخصصات تم تصميمها بعناية لتواكب الاتجاهات الحديثة، وتوفر للطلاب أدوات عملية تمكنهم من المنافسة في بيئة عالمية. كما أن برامج البكالوريوس لدينا مكثفة، تمتد لثلاث سنوات فقط، لتسمح للطالب بدخول سوق العمل بسرعة دون التضحية بجودة التعلم.

 وكيف يتم الدمج بين الدراسة النظرية والتطبيق العملي؟


 نعتقد أن التعليم دون ممارسة عملية لا يكتمل. لذلك جعلنا التدريب الميداني والمشروعات العملية جزءًا أساسيًا من تقييم الطالب وشرطًا للتخرج. هذا يضمن أن يخرج الطالب بخبرة عملية حقيقية إلى جانب المعرفة الأكاديمية، ويكون قادرًا على العمل بكفاءة في بيئات متعددة ومتغيرة.

507027c8c0.jpg

 كيف تواكبون التغيرات المستمرة في المناهج؟
 

 نحن نؤمن بأن المناهج الجامعية يجب أن تكون ديناميكية. لذلك نقوم بمراجعتها سنويًا استنادًا إلى ملاحظات الطلاب وخبراء التعليم وسوق العمل. كما نشارك في مؤتمرات وورش تعليمية عالمية، للاطلاع على أحدث الاتجاهات الأكاديمية. هذا الأسلوب يجعل برامجنا متجددة دائمًا ومرتبطة بالواقع، مما يمنح الطلاب ميزة تنافسية كبيرة.

الجيل الحالي يختلف كثيرًا عن الأجيال السابقة.. كيف تتعاملين مع ذلك داخل قاعات الدراسة؟


 هذا صحيح تمامًا. الدراسات الحديثة تشير إلى أن قدرة التركيز لدى هذا الجيل قصيرة نسبيًا، لذلك لا نعتمد على المحاضرات التقليدية فقط. نستخدم طرقًا تفاعلية، نشجع الحوار والمناقشة، ونعطي الطلاب أدوات رقمية للتحقق من المعلومات وتحليلها بأنفسهم. هذا يعزز التفكير النقدي لديهم ويكسر نمط الحفظ التقليدي.

10cfabe4af.jpg

 وماذا عن العلاقة بين الأجيال في بيئة العمل؟


 هناك فجوة واضحة بين جيل الشباب المتمكن من التكنولوجيا وجيل الكبار الذي يمتلك خبرة واسعة. الحل، من وجهة نظري، هو التدريب المشترك بين الأجيال داخل الشركات والمؤسسات، بحيث يتم تبادل الخبرات والاستفادة من مهارات كل طرف. نعمل على ترسيخ هذا المفهوم لدى طلابنا، لأنه يعكس واقع سوق العمل ومستقبل بيئات العمل متعددة الأجيال.

 كيف تضمنين أن الطلاب يكتسبون المهارات اللازمة للتكيف مع المستقبل؟


 نحن نركز على المهارات الصلبة والناعمة، مثل حل المشكلات، التفكير الاستراتيجي، العمل الجماعي، وإدارة الوقت. أيضًا نحرص على أن تكون المشاريع العملية جزءًا من تقييم الطالب المستمر، بحيث يخرج بخبرة حقيقية في تطبيق المعرفة. كل هذه الجوانب تجعل الطالب قادرًا على المنافسة في سوق عمل عالمي ومتغير.

 ما دور الجامعة في دعم طلابها بعد التخرج؟


نحن نرى أن مسؤولية التعليم لا تنتهي بتسليم الشهادات. الجامعة تتابع خريجيها، وتقدم لهم ورش عمل ودعمًا مهنيًا متواصلًا. هدفنا هو بناء شبكة قوية من الخريجين القادرين على خلق فرص جديدة والمساهمة في تطوير مجتمعهم بشكل مستدام.

e478b803e4.jpg

كيف ترين مستقبل التعليم العالي في مصر؟
 

التعليم العالي في مصر يمتلك إمكانات كبيرة، ولكن يحتاج إلى التركيز على جودة التعليم وربطه بسوق العمل. يجب أن نركز على تطوير المهارات والابتكار، وأن نؤسس بيئة تعليمية تشجع على البحث والتفكير المستقل. الجامعات الحديثة، بما فيها جامعة إسلسكا، تمثل نموذجًا عمليًا لكيفية دمج الخبرة الدولية مع الاحتياجات المحلية لتحقيق هذا الهدف.

 

من خلال هذا الحوار، يتضح أن رؤية الدكتورة نادية العارف تتجاوز حدود التدريس التقليدي، لتشمل فلسفة تعليمية متكاملة تهدف إلى بناء شخصية متوازنة ومبتكرة للطالب.

 فهي ترى أن الجامعة ليست مجرد مكان لمنح الشهادات، بل منصة لتطوير المهارات، وتعليم التفكير النقدي، وتعزيز القدرة على الابتكار وحل المشكلات، بما يتناسب مع عالم سريع التغير.

وقدمت جامعة إسلسكا نموذجًا ملموسًا لهذا التوجه، من خلال برامجها التي تدمج المعرفة النظرية مع التطبيق العملي، وتركز على المهارات المهنية والناعمة الضرورية لسوق العمل. 

نجاح هذه التجربة لا يقاس بعدد الخريجين، بل بمدى قدرتهم على المنافسة عالميًا والاندماج في بيئات عمل متعددة الثقافات.

تختم العارف رسالتها برسالة واضحة: "التعليم ليس مجرد شهادة تُعلق على الحائط، بل هو رحلة لبناء شخصية متكاملة قادرة على التفكير والإبداع. هدفنا إعداد جيل يستطيع مواجهة المستقبل بثقة وكفاءة، ويكون جاهزًا ليكون عنصرًا فاعلًا في مجتمعه وسوق العمل العالمي."

0 تعليق