فرقة صابرين.. تجربة موسيقية ملتزمة في خدمة الهوية والثقافة الفلسطينية - زاجل الإخباري

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

فرقة موسيقية فلسطينية تأسست في مدينة القدس عام 1980 على يد الموسيقار الفلسطيني سعيد مراد. انصبّ اهتمامها على تطوير الأغنية الفلسطينية الحديثة، بما يعكس الواقع الإنساني والثقافي العام، ويُجسّد في الوقت ذاته معاناة الشعب الفلسطيني في ظل الظروف السياسية الصعبة التي يمر بها.

النشأة والتأسيس

تأسست فرقة صابرين عام 1980 في مدينة القدس، بمبادرة من الملحن والموزع الموسيقي سعيد مراد، وبمشاركة مجموعة من الشباب المهتمين بالفن والموسيقى والغناء، والداعين إلى التغيير الاجتماعي والسياسي.

وأنشأت الفرقة "جمعية صابرين للتنمية الفنية"، وبنت استوديو خاصا لتسجيل أغانيها، واتخذت من حي الشيخ جراح مقرا لها.

المصدر: حساب فرقة صابرين على فيسبوك الرابط: https://www.facebook.com/SabreenAssociation/photos
فرقة صابرين أسسها شبان مهتمون بالفن والموسيقى والغناء (حساب الفرقة على فيسبوك)

في عام 1987 أسست الجمعية منظمة مجتمعية غير حكومية تحت مظلتها، بهدف تطوير الموسيقى في فلسطين. وبفضل النجاح الكبير الذي حققه مؤسسها سعيد مراد، أبرمت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية اتفاقا مع فرقة صابرين، تولت بموجبه الفرقة تدريس منهج الموسيقى في المدارس الفلسطينية.

وفي عام 2007 أطلقت جمعية صابرين للتنمية الفنية برنامج "يوروفيجن الفلسطيني"، بالشراكة مع هيئة الإذاعة الفلسطينية ومجموعة شركات "سوبرفليكس"، بهدف تمثيل فلسطين في مسابقات الأغنية الأوروبية.

وقد تولّت الفرقة بإشراف خبراء نرويجيين تدريب المعلمين والطلاب والمديرين، بدءا من معلمي الموسيقى، ثم توسع البرنامج ليشمل العديد ممن لديهم الاستعداد والرغبة في التطوير.

استمرت شراكة فرقة صابرين مع وزارة التربية والتعليم الفلسطينية في المدارس بالضفة الغربية، ومدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في قطاع غزة، إضافة إلى مدارس البطريركية اللاتينية، من 1993 وحتى منتصف 2007.

المصدر: حساب فرقة صابرين على فيسبوك الرابط: https://www.facebook.com/SabreenAssociation/photos
فرقة صابرين بنت استوديو خاصا بها لتسجيل أغانيها (حساب الفرقة على فيسبوك)

أعضاء الفرقة

وضمت فرقة صابرين فنانين، ساهموا في تكوين هويتها الفنية وتطوير إنتاجها الموسيقي، ومن أبرزهم:

سعيد مراد (مؤسس): فنان ومؤلف موسيقي، بدأ اهتمامه بالموسيقى عام 1973 وتتلمذ على يد الموسيقار جاك لحام في معهد الفنون الجميلة. لحن العديد من القصائد الشعرية لمحمود درويش وسميح القاسم وحسين البرغوثي وسيد حجاب وطلال حيدر. كاميليا جبران: مغنية أساسية في الفرقة، وعازفة على عدد من الآلات الوترية والإيقاعية. عودة ترجمان: مغن وعازف على آلة الكمان الجهير (الكونترباص). عيسى فريج: عازف على القيتار والكمان والتشيلو. يعقوب أبو عرفة: مختص في العزف على الآلات الإيقاعية. عصام مراد: مهندس صوت وعازف على الطبول. سامر مسلم: مغن ومساعد في أعمال الفرقة. وسام مراد: مغن وعازف على العود والآلات الإيقاعية ولوحة المفاتيح (الكيبورد).

إعلان

الرؤية والأهداف

انحازت فرقة صابرين إلى ما يُعرف بـ "الموسيقى الملتزمة"، وكرّست أعمالها لخدمة الهوية الفلسطينية، وحماية الذاكرة الوطنية، وإبقاء الأهداف الكبرى في التحرر والاستقلال حاضرة في الوعي الجمعي الفلسطيني، حتى في لحظات المتعة الموسيقية، سواء بالعزف أو الغناء.

جاء تأسيس الفرقة في بيئة تعاني من محدودية عدد المطربين، وافتقار إلى الأماكن المجهزة للتسجيل والمونتاج، فضلا عن غياب المسارح المناسبة والاستوديوهات الحديثة.

وفي ضوء هذه التحديات عملت الجمعية على بناء قدرات الكوادر الفنية بتدريب الفنانين الموهوبين والمحترفين، وتطوير مهاراتهم الموسيقية والثقافية.

كما أولت الجمعية اهتماما خاصا بالأطفال، فأنشأت مجموعة "بدايات"، بهدف منحهم فرصة المشاركة في المهرجانات والأنشطة الفنية المختلفة، كما تشرف كوادر صابرين على تدريب معلمي الموسيقى في المدارس والمؤسسات المجتمعية، وتنظيم العروض المدرسية والنوادي الفنية في مختلف المحافظات الفلسطينية.

المصدر: حساب فرقة صابرين على فيسبوك الرابط: https://www.facebook.com/SabreenAssociation/photos
فرقة صابرين ضمت مغنين وعازفين على آلات موسيقية مختلفة (حساب الفرقة على فيسبوك)

وتشمل أنشطة الجمعية أيضا إقامة ورش عمل موسيقية، وصناعة الآلات الموسيقية، وتنظيم مخيمات صيفية بالتعاون مع مؤسسات محلية أو باستضافة فنانين عالميين.

وسعيا لسدّ النقص في مجالات الإنتاج والإمكانات الفنية والتقنية، عملت الجمعية على تأسيس بنية تحتية متطورة لدعم عملية التطوير الموسيقي. ومن أبرز إنجازاتها في هذا المجال إنشاء استوديو تسجيل يُعد من أوائل الاستوديوهات المتخصصة في المنطقة، ويتميّز بتقنيات عالية المستوى تُستخدم في إنتاج أعمال فرقة صابرين، إلى جانب إنتاجات فنية لمؤسسات وفنانين آخرين.

المساهمات والإنجازات

عملت فرقة صابرين ومؤسستها الفنية على بناء شبكة واسعة من الشراكات، شملت مؤسسات أهلية ونوادي فنية ووزارات وهيئة الإذاعة والتلفزيون الفلسطينية، إضافة إلى التعاون مع مؤسسات دولية.

ومن هذه الشراكات الفنية والثقافية ساهمت الفرقة في النهوض بمختلف أشكال الفنون في فلسطين، كما كان لها دور محوري في تمهيد الطريق لتأسيس التربية الفنية والموسيقية في النظام التعليمي الفلسطيني.

بفضل هذه الجهود أصبحت مؤسسة صابرين للتطوير الفني إطارا فنيا ومرجعا مهما للفنانين والمؤسسات الفنية، سواء من الخلفيات المحلية أم العالمية. وتُقدّم خدماتها المتنوعة من مكتبها الرئيسي في مدينة القدس، ومكتبها الفرعي في مدينة بيت لحم.

آلية عمل الفرقة

ربطت فرقة صابرين بين الماضي والحاضر، وقدمت موسيقى فلسطينية حديثة تواكب العصر، مع الحفاظ على الهوية الوطنية وجودة الأداء الفني.

ابتكرت الفرقة أسلوباً مميزا للأغنية الفلسطينية، عبّرت به عن قضايا التطور والحداثة، ونجحت في جذب جمهور واسع من المثقفين والوطنيين والشباب والطلبة، كما أصبحت نموذجا تقتدي به المواهب الموسيقية الجديدة في فلسطين.

تفاعلت فرقة صابرين مع الظروف التاريخية والثقافية التي عاشها الشعب الفلسطيني، واستخدمت خبرتها الموسيقية بطريقة إبداعية، سواء في الألحان أو في استخدام الآلات.

وتميز صوت الفرقة بأنه كان معبّرا عن المرحلة وقادرا على تقديم تجربة فنية جديدة، خصوصاً في طريقة استخدامها للآلات الشرقية بشكل غير تقليدي، لإبداع موسيقى تجمع بين الأصالة والتجديد.

إعلان

تميزت موسيقى صابرين بالحيوية والقدرة على الوصول إلى أذواق متنوعة، فقدمت موسيقى شرقية النكهة باستخدام أصوات تجمع بين الأساليب الشرقية والغربية. إنها موسيقى فلسطينية الأصل عربية الهوية، تحمل رسالة إنسانية وتصل إلى الجمهور في كل مكان، موحدة إياه حول قيم وطنية وإنسانية نبيلة.

الإنتاج الموسيقي

أصدرت فرقة صابرين، على مدار مسيرتها الفنية، خمسة ألبومات موسيقية، أدّت المطربة كاميليا جبران الغناء في أربعة منها، وكانت جميع هذه الأعمال مرتبطة بمحطات سياسية مفصلية في تاريخ القضية الفلسطينية.

الألبوم الأول، بعنوان "دخان البراكين"، صدر في أوائل ثمانينيات القرن العشرين، تزامنا مع الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 ومجزرة صبرا وشاتيلا. وحمل الألبوم طابعا متجذرا في الفولكلور والتراث الشعبي الفلسطيني، وضم قصائد شعراء بارزين، أبرزهم محمود درويش وسميح القاسم.

الألبوم الثاني، "موت النبي"، صدر في فترة تصاعد الاستيطان الإسرائيلي، قبيل اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى. وقد عبّر الألبوم عن حالة من المقاومة الفنية، إذ ركزت أغانيه على تصوير تفاصيل الحياة اليومية تحت الاحتلال، حاملة رسالة واضحة في مضمونها.

الألبوم الثالث، بعنوان "جاي الحمام"، صدر عام 1994، بعد توقيع اتفاق أوسلو. أما الألبوم الرابع فهو "على فين؟"، وصدر عام 2000 على قرص مضغوط، وجاء مختلفا في نبرته، إذ حمل مزيجا من الحنين واليأس، وتضمن قصائد شعراء عرب بارزين، مثل طلال حيدر وسيد حجاب وفدوى طوقان.

أما الألبوم الخامس، "معزوج"، فقد صدر بعد انسحاب كاميليا جبران من الفرقة وهجرتها إلى فرنسا، وغنى هذا الألبوم الممثل الفلسطيني محمد بكري، بينما كتب كلماته الموسيقار سعيد مراد. واتسم بأغان حماسية ومعبّرة عن روح المرحلة.

0 تعليق